بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن والاه.. وبعد؛
فقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يخلق الإنسان مجبولاً على العيش مع الجماعة بعيدًا عن الفردية والانعزال؛ لما تقتضيه الطبيعة البشرية من العيش الجماعي المترابط، وبمرور الزمن أصبحت الحاجة ملحة إلى مفهوم جديد وهو الوحدة كي لا يكون المنُعزل فريسة لغيره من الأمم والشعوب المتحدة التي تبني نفسها وتاريخها وتراثها على حساب غيرها من الأمم، والأمة الإسلامية من بين هذه الأمم التي شعرت بهذه الحاجة الملحة؛ حيث إن الوحدة من صميم دستورها الذي قرره الله عزَّ وجلَّ في قوله: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ ( آل عمران: من الآية 103)، وقوله: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)﴾ (آل عمران)، وقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ (الأنعام: من الآية 159)، وقوله: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)﴾ (الأنبياء)، وقوله: ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)﴾ (المؤمنون: 52).
ويقول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى" ، وقوله: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"، وقوله: "عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة".